Tuesday, June 12, 2018

رائعة شاعر الأردن: مصطفى وهبي التلّ - عرار " بين الخرابيش"، إلقاء: علي ط...



بين الخرابيش
شعر: مصطفى وهبي التل – عرار
ضبط وتشكيل: علي طه النوباني


1
لَيْتَ الوُقوفَ بِوادي السَّيْرِ إجباري


وَلَيْتَ جارَكَ يا وادي الشِّتا جاري

2
لَعلَّني مِنْ رُؤى وَجْدي القَديمِ به


أرتادُ مَسّا لِجِنِّياتِ أشعاري

3
وَعَلَّني قَبلَ أنْ تبيضَّ مَسْرَبَتي


وَيَقْتَضي عُرْفَ جَدْواهُنَّ إِنكاري

4
وَتَنْتَفي نَبَراتُ الوجدِ مِنْ نَغَمي


وَتَجْتَوي نَغَماتِ الشوقِ قيثاري

5
مِن الصَّبابات أقضي بعضَ ما بَرَحَتْ


بِهِ تَشَبَّثُ رُغْمَ الشَّيبِ أظفاري

6
فَألْمَسُ الشوقَ في أطلال ذاكرتي


وألمحُ الحُبَّ في أنقاضِ أوطاري

7
ولا أرى الخَفِراتِ البيضَ مُعْرِضَةً


عَنّي تَأفَّفُ من خُبْري وأَخباري

8
ولا أُبالي إذا لاحَتْ مَضارِبُهُمْ


مَقالةَ السُّوءِ في تَأويل مِشواري

9
ظَنَنْتُني جُزْتُ عَنْ طَرْدِ الهَوى فَإذا


حِسابُهُ لَمْ يَزَلْ في دَفْتَري جاري

10
وَزَنْدُ وَجْدي بِرَبّاتِ الحِجالِ عَلى


عَهْدي بِه كَعَشِيّاتِ الصِّبا واري

11
والأربعونَ التَّي لاحت طلائِعها


في لِمَّتي ريحُها اسْتَخْذى لإِعصاري

12
وما تَوَهَّمْتُهُ زُهْداً وَرُحْتُ بِهِ


أُعَلِّلُ النَّفْسَ غَيْرَ الواقعِ الجاري

13
شَتَّانَ بَيْنَ شُعوري في حَقيقَتِهِ


وبينَ رَجْعِكِ يا أَصْداء أَفْكاري

14
فَلْيَتَّقِ الله مَن ظَنَّ الهُيام بِهِمْ


غَيَّاً فَما بالهوى العُذريِّ مِنْ عارِ

15
وما يَضُرُّ أَخا الأُردنِّ كِسْوَتُهُ


جَديدُها إنْ يَحُلْ يوماً لأطمارِ

16
كَمْ خِلْتُ بَغدادَ إذْ جِئْنا مَضارِبَهُم


شَرْقيَّ ماحِصَ عَنّي قَيْدَ أَشبارِ

17
أمْتارُ لَهْواً بَريئاً مِنْ مَقاصِفِها


مَعَ النَّواسِيِّ في ديوانِ بَشَّارِ

18
وابنُ الشَّمَقْمَقِ مِثْلُ الهَّبْرِ مُنْتَصِباً


يَسْقي وَيسْقِي وَقَدْ أَعياهُ إِسكاري

19
يا هَبْرُ! هاتِ، فَإنَّ الله بارئَنا


وَخالِقَ الكَرْمِ، رَبٌّ جِدُّ غَفّارِ

20
وَليسَ في ليلةٍ تُقْضى بِصُحْبَتِكُمْ


لَوْ أَنْصَفَ الناسُ ما يُزْري بِأَقداري

21
تاللهِ لولا شُعاعٌ مِنْ غِوايَتِكُم


كأنَّهُ الدَّوْحُ في مَوْماةِ مِقْفارِ

22
لَمَا تَنَفَّسَ لَيْلُ العمر عن سَحَرٍ


ولا تَغَنّى بِإطراءِ السُّرى سارِ

23
الناسُ قالوا، دَعوني مِن مَقالَتِهِم


وما بِهِ أَرْجَفَ الراوونَ أخباري

24
فَلَيْسَ لِلعُودِ مَهْما افْتَنَّ ضارِبُهُ


شَجْوُ الرَّبابَةِ عِنْدَ السامعِ الحاري

25
وليس في أَنْ أُقَضّي لَيْلَةً ثَمِلاً


بَيْنَ الخَرابيش والنُّدْمانِ مِنْ عارِ

26
بَيْنَ الخَرابيشِ لا عُمْري يَضيعُ سُدىً


وَلا يَضيقُ الهُدى ذَرْعاً بِأطْواري

27
وَلا يَرى الهَبْرُ بَأْساً في مُنادَمَتي


وَشُرْبِ كَأسٍ مِنَ الكُنْياكِ قِعْواري

28
وَصاحِبٍ مِنْ بَني النَّجّارِ عِمَّتُهُ


كَأَنَّما هِيَ باراشوت طيارِ

29
يَرى مَواعِظَهُ وَقْفاً عَلى أُذُني


وَأَنَّ رَأْسَ التُّـقى زَجْري وإِنْذاري

30
كَأَنَّ عَمّانَ لَمْ تَعْرِفْ أَخا طَرَبٍ


غَيْري يَحُجُّ إلى حانُوتِ خَمَّارِ

31
وَلَيْسَ في الطائفِ الغَنّاءِ بَلْدَتِهِ


مَنْ لا يَمُتُّ لِقِدّيسينَ أَبْرارِ

32
يا شيخُ حَسْبُكَ أَدْنى الإِثْمِ مَنْزِلَةً


مِنْ رَحْمَةِ الله ما تَدعوه أَوزاري

33
الناس قالوا، وَهَبْهُمْ يا أَخي غَرِقوا


فيما يَخوضونَ مِنْ شَتْمٍ وَإِهْجارِ

34
فَما لأَهْوائهم شأنٌ يَزيدُ عَلى


شَأْنِ الأَثافيِّ بَينَ القِدرِ والنّارِ

35
تُثابُ بِالحَرْقِ مِنْ حِمْلٍ يُجَشِّمُها


سُخامُهُ سِحْنَةً سَوْداءَ كالقارِ

36
بَيْنَ الخَرابِيشِ لا عَبْدٌ وَلا أَمَةٌ


وَلا أَرِقّاءُ في أَزْياءِ أَحْرارِ

37
وَلا جُناةٌ وَلا أَرْضٌ يُضَرِّجُها


دَمٌ زكيٌّ، وَلا أَخَّاذُ بِالثارِ

38
وَلا قُضاةٌ، وَلا أَحْكامُ أَسْلَمُها


بَرْداً عَلى العدل، أَتونٌ مِنَ النارِ

39
وَلا نَضارٌ، وَلا دَخْلٌ ضَريبَتُهُ


تُجْبى، وَلا بَيْدَرٌ يُمْنى بِمِعْشار

40
بَيْن الخَرابيش لا حِرصٌ وَلا طَمَعٌ


وَلا احْتِرابٌ عَلى فَلْسٍ وَدينارِ

41
وَلا هُيامٌ بِأَلْقابٍ وَأَوْسِمَةٍ


وَلا ارتِفاعٌ وَلا خَفْضٌ بِأَقْدارِ

42
الكُلُّ زُطٌّ مُساواةٌ مُحَقَّقَةٌ


تَنْفي الفَوارِقَ بَيْنَ الجارِ والجارِ

43
الناسُ، ما الناسُ؟ عُبْدانُ القَويِّ بِهِمْ


ما بِالمَطيَّةِ مِنْ مِهْمازِ مِغْوارِ

44
يُزْجُونَ مَنْ سامَهُمْ خَسْفاً، وَأَرْهَقَهُمْ


عَسْفاً، تَحِيّاتِ إِجْلالٍ وإِكْبارِ

45
وَيَضْفِرونَ بِأَيْديهِم لِقاطِعِها


حِرصاً عَلى البَغْيِ، إِكْليلَيْنِ مِنْ غارِ

46
وَيَشْمَخونَ بِآنافٍ مُرَوَّضَةٍ


عَلى التَّمَرُّغِ في أَعْتابِ جَبّارِ

47
فَلا تَغُرَّنْكَ أَنْيابٌ مُحَدَّدَةٌ


تَصْطَكُّ غَيْظاً لِأَمْرٍ عارِضٍ طاري

48
فالهَبْرُ مِنْ أَهْلِها أَحمى لِحَوْزَتِهِ


في مَعْرِضِ الذَبِّ يَوْمَ الرَّوْعِ عَنْ دارِ

49
النّاسُ أَحْلاسُ مَنْ دامَتْ سَعادَتُهُ


أُرَيْــنــِبـاً كانَ، أمْ ذا لِبْدَةٍ ضارِ

50
والناسُ كالكأسِ، ما عادَتْ مَوَدَّتُهُمْ


عَلى الوَفِيِّ لَهُمْ إِلا بِأَضْرارِ

51
بَيْنَ الخَرابيشِ لا كِذْبٌ وَلا مَلَقٌ


وَلا وُشاةٌ وَلا رُوَّادُ أَخْبارِ

52
وَلا جَواسيسُ، أَنَّى سِرْتُ لاحَقَني


أَوْغادُهُمْ خِلْسَةً يَقْفُونَ آثاري

53
بَيْنَ الخَرابيشِ لا حِبْرٌ وَلا وَرَقٌ


وَلا يَراعُ وَلا تَدْوينُ أَسْفارِ

54
ولا سَفاسِفُ كُـتْبٍ أَذْهَبَتْ عُمُري


قِراءَةً بَيْنَ تَوْريدٍ وَإِصْدارِ

55
وَلَمْ تَزَلْ بِيَقيني بِالحَياةِ إلى


أَنِ اسْتَحالَ إِلى شَكٍّ وإِنْكارِ

56
وَشَرُّ ما امْتُحِنَ القلبُ السَّليمُ بِه


تَصْديقُ صاحِبِهِ أَقْوالَ غَدَّارِ

57
فَهاكَني مِثْلَ حَرّاثِ النَّبورِ يَدي


صِفْرٌ، وَجُعْلي بِعامي نَهْبُ تُجارِ

58
والهَبْرُ يَرْفُلُ في نُمى تَشَرُّدِهِ


بَيْنَ الكَواعِبِ مَحْفوفاً بِأَقْمارِ

59
تُداعِبُ الطَّبْلَ سَكْراناً أَنامِلُهُ


فَإِنْ صَحا غَبَّ مِنْ صَهْباءِ مِزْمارِ

60
وَسَرَّحَ الطَّرْفَ في أَعْطافِ راقِصَةٍ


هَيْهاتَ مِنْ شَدْوِها تَرْجيعُ أَطْيارِ

61
يا هَبْرُ، هاتِ، فَإِنَّ الله بارئَنا


وَخالقَ الكَرْمِ، رَبٌّ جِدُّ غَفّارِ

62
اليومَ خَمْرٌ، فَلا تَحْفِلْ بِأَمْرِ غَدٍ


وَلا بِوَسواسِ إِقبالٍ وإِدبارِ

63
في حَلْبَةِ الدَّهرِ، سِرٌّ السَّبقِ لَيْسَ لَهُ


شَرْطٌ، وَلا هُوَ مَوْكُولٌ لِمِضْمارِ
******
64
يا بِنْتُ، وادي الشِّتا هَشَّتْ خَمائِلُهُ


لِعارِضٍ هَلَّ مِنْ وَسْمِيِّ مِبْدارِ

65
وَثَغْرَةُ الزَعْتَرِيِّ افْتَرَّ مَبْسَمُها


عَنْ لَوْنِ خَدِّكِ إذْ تَغْزوهُ أَنْظاري

66
وَسَهْلُ إربِدَ قَدْ جاشتْ غَوارِيُهُ


بِكُلِّ أَخّاذِ مِنْ عُشْبٍ وَنُوّارِ

67
إِنَّ الشَّماليخَ في حِصْنِ الصَّريحِ لَقَدْ


حالتْ إِلى عَسَلٍ، يا بِنْتُ فَاشْتاري

68
دَعي المَدينَةَ، لا يَخْدَعْكِ باطِلُها


فَزَيْفُها بَيِّنٌ مِنْ غَيْرِ مِنْظارِ

69
ما بَعْدَ خُبَّيْزِ وادينا وَخُبْزَتِهِ


وَبَضِّ عَكّوبِنا مَيْرٌ لِمُمْتارِ

70
وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ فَرْقٍ بِشِرْعَتِنا


ما بَيْنَ راعي سَحاحير وَسَحّارِ

71
خَدَّاكِ يا بِنْتُ مِنْ دَحْنونِ ديرَتِنا


سُبْحانَهُ بارِئُ الأردُنِّ مِنْ باري

 

No comments:

Post a Comment