بين الخرابيش
شعر: مصطفى وهبي التل – عرار
ضبط وتشكيل: علي طه النوباني
1
|
لَيْتَ الوُقوفَ بِوادي السَّيْرِ إجباري
|
|
وَلَيْتَ جارَكَ يا وادي الشِّتا جاري
|
2
|
لَعلَّني مِنْ رُؤى وَجْدي القَديمِ به
|
|
أرتادُ مَسّا لِجِنِّياتِ أشعاري
|
3
|
وَعَلَّني قَبلَ أنْ تبيضَّ مَسْرَبَتي
|
|
وَيَقْتَضي عُرْفَ جَدْواهُنَّ إِنكاري
|
4
|
وَتَنْتَفي نَبَراتُ الوجدِ مِنْ نَغَمي
|
|
وَتَجْتَوي نَغَماتِ الشوقِ قيثاري
|
5
|
مِن الصَّبابات أقضي بعضَ ما بَرَحَتْ
|
|
بِهِ تَشَبَّثُ رُغْمَ الشَّيبِ أظفاري
|
6
|
فَألْمَسُ الشوقَ في أطلال ذاكرتي
|
|
وألمحُ الحُبَّ في أنقاضِ أوطاري
|
7
|
ولا أرى الخَفِراتِ البيضَ مُعْرِضَةً
|
|
عَنّي تَأفَّفُ من خُبْري وأَخباري
|
8
|
ولا أُبالي إذا لاحَتْ مَضارِبُهُمْ
|
|
مَقالةَ السُّوءِ في تَأويل مِشواري
|
9
|
ظَنَنْتُني جُزْتُ عَنْ طَرْدِ الهَوى فَإذا
|
|
حِسابُهُ لَمْ يَزَلْ في دَفْتَري جاري
|
10
|
وَزَنْدُ وَجْدي بِرَبّاتِ الحِجالِ عَلى
|
|
عَهْدي بِه كَعَشِيّاتِ الصِّبا واري
|
11
|
والأربعونَ التَّي لاحت طلائِعها
|
|
في لِمَّتي ريحُها اسْتَخْذى لإِعصاري
|
12
|
وما تَوَهَّمْتُهُ زُهْداً وَرُحْتُ بِهِ
|
|
أُعَلِّلُ النَّفْسَ غَيْرَ الواقعِ الجاري
|
13
|
شَتَّانَ بَيْنَ شُعوري في حَقيقَتِهِ
|
|
وبينَ رَجْعِكِ يا أَصْداء أَفْكاري
|
14
|
فَلْيَتَّقِ الله مَن ظَنَّ الهُيام بِهِمْ
|
|
غَيَّاً فَما بالهوى العُذريِّ مِنْ عارِ
|
15
|
وما يَضُرُّ أَخا الأُردنِّ كِسْوَتُهُ
|
|
جَديدُها إنْ يَحُلْ يوماً لأطمارِ
|
16
|
كَمْ خِلْتُ بَغدادَ إذْ جِئْنا مَضارِبَهُم
|
|
شَرْقيَّ ماحِصَ عَنّي قَيْدَ أَشبارِ
|
17
|
أمْتارُ لَهْواً بَريئاً مِنْ مَقاصِفِها
|
|
مَعَ النَّواسِيِّ في ديوانِ بَشَّارِ
|
18
|
وابنُ الشَّمَقْمَقِ مِثْلُ الهَّبْرِ مُنْتَصِباً
|
|
يَسْقي وَيسْقِي وَقَدْ أَعياهُ إِسكاري
|
19
|
يا هَبْرُ! هاتِ، فَإنَّ الله بارئَنا
|
|
وَخالِقَ الكَرْمِ، رَبٌّ جِدُّ غَفّارِ
|
20
|
وَليسَ في ليلةٍ تُقْضى بِصُحْبَتِكُمْ
|
|
لَوْ أَنْصَفَ الناسُ ما يُزْري بِأَقداري
|
21
|
تاللهِ لولا شُعاعٌ مِنْ غِوايَتِكُم
|
|
كأنَّهُ الدَّوْحُ في مَوْماةِ مِقْفارِ
|
22
|
لَمَا تَنَفَّسَ لَيْلُ العمر عن سَحَرٍ
|
|
ولا تَغَنّى بِإطراءِ السُّرى سارِ
|
23
|
الناسُ قالوا، دَعوني مِن مَقالَتِهِم
|
|
وما بِهِ أَرْجَفَ الراوونَ أخباري
|
24
|
فَلَيْسَ لِلعُودِ مَهْما افْتَنَّ ضارِبُهُ
|
|
شَجْوُ الرَّبابَةِ عِنْدَ السامعِ الحاري
|
25
|
وليس في أَنْ أُقَضّي لَيْلَةً ثَمِلاً
|
|
بَيْنَ الخَرابيش والنُّدْمانِ مِنْ عارِ
|
26
|
بَيْنَ الخَرابيشِ لا عُمْري يَضيعُ سُدىً
|
|
وَلا يَضيقُ الهُدى ذَرْعاً بِأطْواري
|
27
|
وَلا يَرى الهَبْرُ بَأْساً في مُنادَمَتي
|
|
وَشُرْبِ كَأسٍ مِنَ الكُنْياكِ قِعْواري
|
28
|
وَصاحِبٍ مِنْ بَني النَّجّارِ عِمَّتُهُ
|
|
كَأَنَّما هِيَ باراشوت طيارِ
|
29
|
يَرى مَواعِظَهُ وَقْفاً عَلى أُذُني
|
|
وَأَنَّ رَأْسَ التُّـقى زَجْري وإِنْذاري
|
30
|
كَأَنَّ عَمّانَ لَمْ تَعْرِفْ أَخا طَرَبٍ
|
|
غَيْري يَحُجُّ إلى حانُوتِ خَمَّارِ
|
31
|
وَلَيْسَ في الطائفِ الغَنّاءِ بَلْدَتِهِ
|
|
مَنْ لا يَمُتُّ لِقِدّيسينَ أَبْرارِ
|
32
|
يا شيخُ حَسْبُكَ أَدْنى الإِثْمِ مَنْزِلَةً
|
|
مِنْ رَحْمَةِ الله ما تَدعوه أَوزاري
|
33
|
الناس قالوا، وَهَبْهُمْ يا أَخي غَرِقوا
|
|
فيما يَخوضونَ مِنْ شَتْمٍ وَإِهْجارِ
|
34
|
فَما لأَهْوائهم شأنٌ يَزيدُ عَلى
|
|
شَأْنِ الأَثافيِّ بَينَ القِدرِ والنّارِ
|
35
|
تُثابُ بِالحَرْقِ مِنْ حِمْلٍ يُجَشِّمُها
|
|
سُخامُهُ سِحْنَةً سَوْداءَ كالقارِ
|
36
|
بَيْنَ الخَرابِيشِ لا عَبْدٌ وَلا أَمَةٌ
|
|
وَلا أَرِقّاءُ في أَزْياءِ أَحْرارِ
|
37
|
وَلا جُناةٌ وَلا أَرْضٌ يُضَرِّجُها
|
|
دَمٌ زكيٌّ، وَلا أَخَّاذُ بِالثارِ
|
38
|
وَلا قُضاةٌ، وَلا أَحْكامُ أَسْلَمُها
|
|
بَرْداً عَلى العدل، أَتونٌ مِنَ النارِ
|
39
|
وَلا نَضارٌ، وَلا دَخْلٌ ضَريبَتُهُ
|
|
تُجْبى، وَلا بَيْدَرٌ يُمْنى بِمِعْشار
|
40
|
بَيْن الخَرابيش لا حِرصٌ وَلا طَمَعٌ
|
|
وَلا احْتِرابٌ عَلى فَلْسٍ وَدينارِ
|
41
|
وَلا هُيامٌ بِأَلْقابٍ وَأَوْسِمَةٍ
|
|
وَلا ارتِفاعٌ وَلا خَفْضٌ بِأَقْدارِ
|
42
|
الكُلُّ زُطٌّ مُساواةٌ مُحَقَّقَةٌ
|
|
تَنْفي الفَوارِقَ بَيْنَ الجارِ والجارِ
|
43
|
الناسُ، ما الناسُ؟ عُبْدانُ القَويِّ بِهِمْ
|
|
ما بِالمَطيَّةِ مِنْ مِهْمازِ مِغْوارِ
|
44
|
يُزْجُونَ مَنْ سامَهُمْ خَسْفاً، وَأَرْهَقَهُمْ
|
|
عَسْفاً، تَحِيّاتِ إِجْلالٍ وإِكْبارِ
|
45
|
وَيَضْفِرونَ بِأَيْديهِم لِقاطِعِها
|
|
حِرصاً عَلى البَغْيِ، إِكْليلَيْنِ مِنْ غارِ
|
46
|
وَيَشْمَخونَ بِآنافٍ مُرَوَّضَةٍ
|
|
عَلى التَّمَرُّغِ في أَعْتابِ جَبّارِ
|
47
|
فَلا تَغُرَّنْكَ أَنْيابٌ مُحَدَّدَةٌ
|
|
تَصْطَكُّ غَيْظاً لِأَمْرٍ عارِضٍ طاري
|
48
|
فالهَبْرُ مِنْ أَهْلِها أَحمى لِحَوْزَتِهِ
|
|
في مَعْرِضِ الذَبِّ يَوْمَ الرَّوْعِ عَنْ دارِ
|
49
|
النّاسُ أَحْلاسُ مَنْ دامَتْ سَعادَتُهُ
|
|
أُرَيْــنــِبـاً كانَ، أمْ ذا لِبْدَةٍ ضارِ
|
50
|
والناسُ كالكأسِ، ما عادَتْ مَوَدَّتُهُمْ
|
|
عَلى الوَفِيِّ لَهُمْ إِلا بِأَضْرارِ
|
51
|
بَيْنَ الخَرابيشِ لا كِذْبٌ وَلا مَلَقٌ
|
|
وَلا وُشاةٌ وَلا رُوَّادُ أَخْبارِ
|
52
|
وَلا جَواسيسُ، أَنَّى سِرْتُ لاحَقَني
|
|
أَوْغادُهُمْ خِلْسَةً يَقْفُونَ آثاري
|
53
|
بَيْنَ الخَرابيشِ لا حِبْرٌ وَلا وَرَقٌ
|
|
وَلا يَراعُ وَلا تَدْوينُ أَسْفارِ
|
54
|
ولا سَفاسِفُ كُـتْبٍ أَذْهَبَتْ عُمُري
|
|
قِراءَةً بَيْنَ تَوْريدٍ وَإِصْدارِ
|
55
|
وَلَمْ تَزَلْ بِيَقيني بِالحَياةِ إلى
|
|
أَنِ اسْتَحالَ إِلى شَكٍّ وإِنْكارِ
|
56
|
وَشَرُّ ما امْتُحِنَ القلبُ السَّليمُ بِه
|
|
تَصْديقُ صاحِبِهِ أَقْوالَ غَدَّارِ
|
57
|
فَهاكَني مِثْلَ حَرّاثِ النَّبورِ يَدي
|
|
صِفْرٌ، وَجُعْلي بِعامي نَهْبُ تُجارِ
|
58
|
والهَبْرُ يَرْفُلُ في نُمى تَشَرُّدِهِ
|
|
بَيْنَ الكَواعِبِ مَحْفوفاً بِأَقْمارِ
|
59
|
تُداعِبُ الطَّبْلَ سَكْراناً أَنامِلُهُ
|
|
فَإِنْ صَحا غَبَّ مِنْ صَهْباءِ مِزْمارِ
|
60
|
وَسَرَّحَ الطَّرْفَ في أَعْطافِ راقِصَةٍ
|
|
هَيْهاتَ مِنْ شَدْوِها تَرْجيعُ أَطْيارِ
|
61
|
يا هَبْرُ، هاتِ، فَإِنَّ الله بارئَنا
|
|
وَخالقَ الكَرْمِ، رَبٌّ جِدُّ غَفّارِ
|
62
|
اليومَ خَمْرٌ، فَلا تَحْفِلْ بِأَمْرِ غَدٍ
|
|
وَلا بِوَسواسِ إِقبالٍ وإِدبارِ
|
63
|
في حَلْبَةِ الدَّهرِ، سِرٌّ السَّبقِ لَيْسَ لَهُ
|
|
شَرْطٌ، وَلا هُوَ مَوْكُولٌ لِمِضْمارِ
****** |
64
|
يا بِنْتُ، وادي الشِّتا هَشَّتْ خَمائِلُهُ
|
|
لِعارِضٍ هَلَّ مِنْ وَسْمِيِّ مِبْدارِ
|
65
|
وَثَغْرَةُ الزَعْتَرِيِّ افْتَرَّ مَبْسَمُها
|
|
عَنْ لَوْنِ خَدِّكِ إذْ تَغْزوهُ أَنْظاري
|
66
|
وَسَهْلُ إربِدَ قَدْ جاشتْ غَوارِيُهُ
|
|
بِكُلِّ أَخّاذِ مِنْ عُشْبٍ وَنُوّارِ
|
67
|
إِنَّ الشَّماليخَ في حِصْنِ الصَّريحِ لَقَدْ
|
|
حالتْ إِلى عَسَلٍ، يا بِنْتُ فَاشْتاري
|
68
|
دَعي المَدينَةَ، لا يَخْدَعْكِ باطِلُها
|
|
فَزَيْفُها بَيِّنٌ مِنْ غَيْرِ مِنْظارِ
|
69
|
ما بَعْدَ خُبَّيْزِ وادينا وَخُبْزَتِهِ
|
|
وَبَضِّ عَكّوبِنا مَيْرٌ لِمُمْتارِ
|
70
|
وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ فَرْقٍ بِشِرْعَتِنا
|
|
ما بَيْنَ راعي سَحاحير وَسَحّارِ
|
71
|
خَدَّاكِ يا بِنْتُ مِنْ دَحْنونِ ديرَتِنا
|
|
سُبْحانَهُ بارِئُ الأردُنِّ مِنْ باري
|
No comments:
Post a Comment